موضوع: ثقافة التلبيس : الوسطْ .. الغلطْ الجمعة يوليو 13, 2007 8:40 am
ثقافة التلبيس : الوسطْ .. الغلطْ
كتبهاسليمان بن صالح الخراشي وبتصرف من محمد السيد يعتقد البعض أن ( الوسط ) ممدوح في جميع الحالات ، مما يوقعهم في أخطاء - سواء بنية حسنة أو تعمد ، هذا لايهم - ، ويغيب عنهم أن هذا الاعتقاد منهم مجانب للصواب ، وأن ( الوسط ) لا يُمدح في كل القضايا ، إنما يُمدح إذا كان وسطًا بين طرفين مذمومين . أما إذا كان وسطًا بين ( حق ) و ( باطل ) ؛ فإنه يُذم كالباطل ، لأنه أصبح تلبيسًا على الناس ، وتكون النتيجة بعكس ما أراد صاحب هذا الوسط الغلط عندما أراد التقريب بين الحق والباطل بوسطيته المذمومة .
وقد أردتُ أن أذكر نماذج لمن غلطوا في فهم ( الوسط ) الصواب ، وتوهموه يصدق في كل القضايا ؛ فكانت النتيجة ضررًا على الأمة : المثال الأول : فرقة ( السيخ ) الذين ظهروا في الهند . فمؤسس هذه الفرقة ( المدعو ناناك ) عندما رأى الخلاف بين " المسلمين " و " الهندوس " ساءه ذلك ؛ فاتخذ طريقة ( وسطًا ) بينهما ، فأحدث فرقة ( السيخ ) التي تخلط في تعاليمها بين الإسلام والهندوسية ! فأصبحت هناك فرقة ( ثالثة ) ! ثم مع الوقت أصبحت هذه الفرقة من أشد أعداء المسلمين . ( يُنظر : كتاب : السيخ العدو الخفي ، للشيخ محمد الشيباني ) .
المثال الثاني : مؤسس فرقة الأشاعرة ( أبو الحسن الأشعري ) ، رأى الخلاف قائمًا في عصره بين الحق المتمثل في أهل السنة ، والباطل المتمثل في فرقة المعتزلة ، فأراد ( التوسط ) بينهما ! فخلط بين الحق والباطل ، وكانت النتيجة : إحداث فرقة جديدة ! بل قال الإمام أبونصر السجزي في رده على الأشاعرة ( ص 177 ) : " والمعتزلة مع سوء مذهبهم أقل ضررًا على عوام أهل السنة من هؤلاء ؛ لأن المعتزلة قد أظهرت مذهبها ولم تُموه .. فعرف أكثر المسلمين مذهبهم وتجنبوهم وعدوهم أعداء " ، أي بخلاف الأشاعرة المُلبسين بخلطهم الحق بالباطل .
المثال الثالث : الجماعات الناشئة في العصور الحاضرة ، حيث أن أهل السنة في عصرهم ظاهرين معروفين ؛ سواء تمثلوا في أنصار السنة أوغيرهم من العلماء ، وكان هناك أهل البدع ، فأرادوا ( التوسط ) بينهم ليؤلفون بين المختلفين - في زعمهم - ، فكانت النتيجة إحداث فرق أخرى تخلط الحق بالباطل ! فتجدهم علموا ان موالاة الكفار كفرا فقالوا هم اخواننا ( زعموا ) علموا ان الغناء في الاسلام حرام وعند أهل الكفر مباح فقالوا هو مباح كله علموا ان الخروج على ولاة الامر المسلمين حرام فقالو هم ولاة أمرنا ومن حقنا ان ننقلب عليهم علموا ان الديمقراطية نظام كفر فدخلوا المجالس التشريعية والبرلمانية علموا ان الدعاء بالمغفرة والرحمة للكفار حرام فقالوا عنهم مؤمنين ( يوحنا بولس الثاني ) علموا ان الرافضة كفار فقالوا عنهم مؤمنين والفارق بيننا أهل الاسلام والرافضة فقط ان عندهم مزيد قرآن لا يلتفت له علموا ان التفرق حرام فقالوا الغاية تبرر الوسيلة ( ما جعل الله شفاء أمتى في حرام ) علموا ان الاسلام الصافي ما كان على عهد محمد صلى الله عليه وسلم فقالوا انهم يعلمون من تفسير القرآن أكثر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والسبب .. الوقوع في ( الوسط ) ( الغلط ) . 1- أن ( الوسط ) يُمدح إذا كان وسطًا بين طرفين مذمومَين .
2- ويُذم إذا كان ( وسطًا ) بين الحق والباطل . وتكون النتيجة بعكس ما أراد صاحبه ، كما قال الشاعر :
3- ويُذم الوسط - أيضًا - إذا كان في الأمور المتدرجة ، ضعفًا وقوة ، أو علوًا وسفلا .. مثال ذلك : لو قال أحد الطلاب : أنا سأختار الوسط فأحرص على أن يكون تقديري ( جيد جدًا ) لأنه ( وسط ) بين ( جيد ) و ( ممتاز ) ! نقول : أخطأت ؛ لأن هذا من الأمور المتدرجة . مثال آخر : مسلم يقول : أنا أتمنى أن أكون من أصحاب اليمين لأنهم ( وسط ) بين المقربين وأصحاب الشمال ! نقول - أيضًا - أخطأت .. وقس عليه .